زهراء زكي
مُدونة مُختصة بالميثولوجيا و الفلسفة و بالأفكار التقليدية القديمة
الخميس، 7 نوفمبر 2019
نُبذة مبسطة عن الباطنية
تعريف الباطنية :
سمُـيوا ( باطنيـه ) لأعتقادهُم أن لظواهر القرآن وَ الأحاديث ( بواطن ) ، وَ هي عند العقلاء رموز وَ أشارات الى ( واقـع خفي . Hidden Reality ) ، حيث ( الظاهر ) أغلال تتمثل في تكليفات الشرع ، أما في الباطن درجة بلوغ الكمال (١٥٧) ؛ وَ الظاهر بمرتبـة ( الجسد . Soma ) الذي هو سجن لما هُو ( جوهري . Ousia ) لذلك رجح الباطنيـون كفة ماهُو جوهري متخفي على ماهُو ظاهر مُتجسـد ، وَ الذي وقف عندهُ السلـف أي رجال الدين التابعيِن للمدرسـه الصفاتيـه التي تُنسب اليها طائفة أهل السنه وَ الأجماع وَ التي توقفت على الظاهر الجسداني وَ امتنعت عن الخوض في الباطن . وَ رجُوعاً للمدرسـه الباطنيـه فهِي تُعتبر وريثة ( الثيولوجيـا القديمه . Prisca Theologia ) التي أرتبطت بالمدرسـه الأفلاطونيـه وَ الذي في محاوراتهُ أعتبر أن الأساطير مجاز / رمز لـ ( تاريـخ روحي . Spiritual History ) يكمـن معناهُ خارج عالم الظلال الذي نعيـش فيه داخل الكهـف ، وَ هذا ماسيذكرهُ الأنجيل المنحُول ( Gospel of Philip ) عن الحقيقـه التِي يقُول عنها : لا تهبـط للعالم عاريـه لكن تحُجِـب نفسها بـ ( نماذج . Types ) وَ ( صُور . Images ) ؛ وَ على هذا الأساس فإن الباطنيـون لم يتُوقف أعتقادهِم بالبُعد الباطني للنص القرآني فقط ، بل أمتد أيضاً للامام نفسـهُ الذي صار ( شبحاً ) بحيث صورتهُ المُتجسـده من لحم وَ دم لم ينُظر إليها إلا كوهم مثلما كان اعتقاد أصحاب مُعتقد الـ ( دوسيتيـه . Docetism ) المسيحيين بالمسيـح ..!
أصل الحركـه :
تمـركزت الدعوة الباطنيـه على عدة رجال وَ أنتظمت كحركه سريـه في سجن والي العراق ، حيث هناك التقى أحد موالي وَ تلميذ الأمام جعفر الصادق وَ الباقر المدعُو ( عبدالله بن ميمون القداح ) بالشعوبي الفارسي ( محمد بن الحسيـن الدندان ) وَ التقائهُما في السجـن كان بداية تأسيس مذهبهُم السرانِي ، الذِي ظل دعَوه بالسر ، فيظهر عبدالله بن ميمون لاحقاً في سواد الكوفـه حيث هناك يلتقـي بأكار / بقار نبطي / كلداني في قريـه تعرف بـ ( قـس بهرام ) يُدعى ( حمدان أشعث ) وَ يلقب بـ ( كرمتيـه ) أو ( قرمطويـه ) لقب تميـز به لحمره في عينيـه وَ الكلمه بالنبطيـه تعني ( حاد العين ) وَ خففت لاحقاً الى ( قرمط ) وَ هُو من تنسب إليه الحركـه الباطنيـه القرمطيه ، فدعاهُ ابن ميمون الى مذهبـهُ ؛ وَ يُذكر أن عبدالله وَ حمدان قرمط كلاهُما كانا عارفيـن بعلم النجوم وَ من أهل الفلسفـه الذين عرفوا جميـع المذاهب وَ كذلك الشعوبي ( محمد بن الحسيـن الدندان ) الذي التقى فيه عبدالله بن ميمون في السجن كان حاذقاً بعلم النجُوم وَ قد رأى أنتقال المثلثـه من برج العقرب الدالـه على المله الى برج القـوس الدال على ديانة الفرس ( المقصُود الباطنيـه ) وَ من هُنا بدأت حركة تبشيرهُ بالدعوة السرية .
أما حمدان قرمط كما يذكـر ( أبي منصور البغدادي ) فنبطي من صابئة حران التِي عُرفت ديانتهُم بالتستُر وَ الكِتمان وَ التِي لا يَظهُروها إلا لمن كان منهُم وَ كانوا ممِن ينكرون الشرائع وَ يبجلون الفلاسفه كـ ( أفلاطون الإلهِي ) على وجه الخصُوص ، وَ صابئة حران معتَقداتِهُم كانت خليط من المُعتقد الكلداني أو المنسوب لبلاد الرافديـن القديم كتقديسهُم لـ الإله ( سين ) القمر وَ ( تاوز ) الذين كانوا يبكون عليـه على حادثة طَحِن ضلوعه في ( ١٥ تموز ) ، محتفظيِن بها جنباً إلى جنب مع لغتهُم السريانيـه ، ممتزجاً بخليط الثقافة المعرفية اليِونانية التِي أجتاحت حران بقوة خصوصاً الهرمسيـه وَ الأفلاطونيـه منها ، لكُونهُما تتناسبان مع بنُية الفكر الكلدانِي ؛ وَ لسبب معتقداتهُم المثالية التجسيدية قُرن أتُهام لهؤلاء الصابئه الحرانيُون بـ ( عباد أصنام . Idolaters ) حيث كانوا يبجلُون الهياكـل وَ الكواكب وَ يجسدوُنها ؛ وَ مراقبة الكواكِب وَ أرتباطها بحركات عالم الكُون وَ الفساد وَ أحداثهُ ظهر جلياً لاحقاً لدى الباطنيُون وَ القرامطة ، فتلمِيذ حمدان قرمط المدعُو ( ابوسعيـد الحسن بن بهرام الجنابي ) وَ ابنهُ ( ابوطاهر سليمان بن الحسـن الجنابي ) من ( جنابه ) بفارس وَ الذان تغلبا ناحية البحريـن على أهل القطيف وَ الأحساء وَ كانا كلاهُما فيلسوفان وَ لهُما علم بالنجوم ؛ هجَم ثانيهُما على الكعبـه في سنة كانت سنة ( تناثر النجوم ) (١٥٩) فقَد علل فعلـهُ بقولـهُ في قصيدةَ لهُ :
إذ طلع المريـخ في أرض بابل .. وَ قارنهُ النجمان فالحذر الحذر
السـتُ أنا المذكـور بالكُتب كلها .. الست أنا المبعوث في سورة الزمر !
وَ عن إنكار الشرائع لديهِم يذكر ( البغدادي ، الفرق بين الفرق ) رسالة ذات طابع صابئي حراني كانت مِن ( عبيدالله بن الحسين القيرواني ) الى ( سليمان الجنابي ) يذكـر فيه عن كشف الدعوه ( ... فمن آنست منهُ رشداً فأكشف لهُ الغطاء ، وَ إذا ظفرت بالفلسفي فأحتفظ به ، فعلى الفلاسفـه معُولنا ، وَ إنا و اياهُم مجمُعون على رد نواميـس الأنبياء وَ القول بقدم العالم ) .
أما نهاية وُجود القرامطه بساحل خليج فارس فينتهِي بعدما قتلت أمرأه من ( هيت ) ابوطاهر سليمان الجنابـي ، بعدها بدأت تضعف قوة القرامطه إلى أن تلاشت ، لكن أتباع القرامطه بنوا على قبر ( ابوسعيـد الحسـن بن بهرام ) طائر من جص وَ قالوا إذا طار هذا الطائر خرج ابوسعيـد وَ جعلوا عند القبر فّـرس وَ كانوا يصلُون عليـه (١٦٠) (١٦١) (١٦٢) أما الحركة الباطنيـه كانت تتخفى حيناً وَ تظهر حيناً أخر ، وَ قد ظهرت في أوج مراحلها في فارس مع الإسماعيليه النزاريـه بقيادة الحسن بن صباح وَ التي كانت نهايتها عند الأجتياح المغولي لفارس . وَ بذكر الباطنِية ينبغِي أن نرجع قليلاً الوراء حيث جذوُرٌها المُنبثقة من رجُل يُدعى ( ابي الخطاب الأسدي )
( الخطابيـه ) :
أتباع ( ابي الخطـاب محمد بن ابي زينب الأسدي ) من موالـي بني أسد وَ تلميـذاً مُقرباً للأمام جعفر الصادق ، وَ قد قال أن جعفر الصادق علمـهُ ( الأسم الأعظم ) وَ انهُ رأى جعفر الصادق على الحقيقـه ، حيث يروي أنهُ رأى جعفر الصادق في الحجر جالسـاً فقلت لهُ : ياسيـدي ارني نفسـك في عظمتـك وَ ملكُوتك ، فقال لهُ اباعبدالله : أولم تؤمـن ؟ قال : بلا لكـن ليطمئـن قلبي ، فبسـط يدهُ على الأرض فإذا السمـوات وَ الأرضون وَ الخلائق في قبضتـهُ ، وَ هذه الرؤيـه لأبي الخطاب ترفعـهُ عن باقي أصحاب الأمام الصادق وَ الباقر لأنهُ يُذكر عن ( عُمر بن حنظلـه ) وَ ( عمار الساباطي ) حيث الأول دخل على الأمام الباقر وَ الثاني على الأمام جعفر الصـادق أنهُما دخلا دار الأمام ليخبـراهُ عن سر الأسم الأعظم ؟ فوضـع الأمام يدهُ على الأرض فصار البيت يدور وَ أظلم فأرتعد فرائص كُل واحداً منها فقالا ( جعلت فداك حسبي لا أريـد ذا ! ) (١٦٣)
لذلك أدعى ابي الخطاب أن ( الأئمه ) آلهه وَ هُم أي ابي الخطاب وَ أتباعهُ ( ابناء الله وَ أحباؤهُ ) ؛ وَ هي رؤية كانت رائجة لدى فرق جعفريـه أخرى ، كأتباع ( السرى الأقصم ) الذين قالوا أن ( جعفر الصادق ) هُو الإسلام وَ الإسلام هو السلم وَ السلم هُو الله ( بذلك جعفر هُو الله ) وَ قالوا هم ( بنو الإسلام ) بمعنى ( أبناء الله وَ أحباؤهُ ) ؛ وَ قال ابي الخطاب أن جعفر الصادق ليس ذلك ما تراهُ ( الشيعه المُقصره ) وَ أن من يدركهُ بالنورانيـه فقط أهل ( الصفُوه ) ؛ أما أهل الجحُود يدركهُ بالبشريـه اللحمانيـه الدمويه ، وَ أن جعفر الصادق يتصور في أي صـوره شاء وَ يذكرون أن رجُلاً سأل ( جعفـر الصادق ) مسأله في المدينـه فأجابهُ فيها ثم أنصرف الى الكوفـه فسأل ( ابي الخطاب ) عن المسأله فقال أبي الخطاب : أولم تسألني عن هذه المسـأله في المدينه !
وَ كان من اتباعهُ ( بزيـغ الحائك ) وَ ( معمـر الاحمر ) ممِن يؤمنُون أن الله ( نور ) يدخـل أبدان الأوصياء فيحُل فيهُم وَ كان النور في جعفر الصادق فأخرجهُ الى بدن ابي الخطاب فصار جعفر الصادق من الملائكـه وَ عندما خرج النور من ابي الخطاب الى معُمر صار أبو الخطاب من الملائكه وَ هذا معنى أن ( النور ) يتناسـخ ، لذلك أتباع مُعمر كانوا يسجـدوُن اليه ؛ أما ( القوالب ) التي تسكنها هذه الروح لا تموت وَ لا تفنى وَ لا تخرب بل تتحول الى ملائكه وَ يرفعون الى السماء بإبدانهُم وَ أرواحهُم وَ قال توضع للناس أجساداً شبه أجسادهُم ، وَ أنهُم يرون أمواتهُـم بكرة وَ عشيـه ، لذلك قالوا عندما قتل ( عيسى بن موسى ) عامل ابوجعفر المنصـور في الكوفـه ابي الخطاب وَ أصحابه الـ ( ٧٠ ) قالوا أن من قتلهُم وَ حز رؤسهُم ابو جعفر المنصُور مُجرد أشباه وَ ليسوا حقيقـه !
وَ الخطابيـه وَ فرقها كانت من الفرق الأباحيـه ، فقد قالوا الفرائض رجال تجب طاعتهُم وَ المعاصي رجال تجب مخالفتهُم ، وَ أباحوا المحظورات كُلها من زنا ، لواط ، سرقـه ، شرب خمر وَ تركوا الصلاة وَ الزكاة وَ الصـوم وَ الحج وَ التي أعتبرها ( أغلال ) وَ قال " يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ " وَ قال مُعمر الأحمر أن ( الجنه ) النعمه وَ ( النار ) النقمـه وَ أن الدنيا لا تُفنى ، وَ هذا قول كان مُتعارف بين الغلاة منهُم السبئيـه الذين تكلموا بتناسـخ الأرواح ، الأدوار ، وَ الأكوار وَ التي ( القيامه ) لديهِم معناها خروج البدن وَ دخولهُ بدن أخر وَ البدن هُو الجنه وَ هو النار وَ قد نسبوا هذه العقائد بإنهُ تحدث بها ( جابر بن عبدالله الأنصـاري ) وَ ( جابر بن يزيد الجعفي ) ؛ وَ فِي المراسلة من ( عبيدالله القيرواني ) الى ( سليمان بن الحسن الجنابي القرمطي ) يقول : ( ... أوصيـك أن تدعوهُم الى القول بإنه قد كان قبل آدم بشر كثير فإن ذلك عُون على القول بقِـدم العالم ) (١٦٤) (١٦٥)
----------
١٥٧) مصدر رقم (٢١)
١٥٨) مصدر رقم (٤٥)
١٥٩) Man and His Symbols . Carl G . Jung
١٦٠) الأمامه و البصره . ابن بابويه القمي
١٦١) مصدر رقم (٤١)
١٦٢) مصدر رقم (٤٥)
١٦٣) مصدر رقم (٥٢)
١٦٤) مناقب آل أبي طالب ، جزء ٤ ، ص٢٠٤ ، ص٢٦٦
١٦٥) مصدر رقم (45)
الأربعاء، 23 أكتوبر 2019
الخامُوس وَ الإنسان الإلهي لدى الشيعة ، الخيميائي ( الشلمغاني ) نمُوذجاً
عقيـدة الأشبـاح الخمسـه وَ حلوليـة أبي العزاقر الشلمُغاني
غلاة الشيعة :
بعد قتال البصـره ( معركة الجمل ) أتى الى علي بن أبي طالب ( سبعُون ) رجُلاً من ( الزط ) أدعوا آلوهيتهُ وَ سجدوا لهُ فأوقد فيهم ناراً (١٨) وَ هؤلاء القُوم المدعُون بـ ( الزط ) يرجِع أصلهَم لبلاد ( السنـد ) ضمِن النطاق الـ ( ساساني ) ، وَ قد كانوا حيِنها نازحين الى مناطق سواحل خليـج فارس وَ الذين سيعرفون لاحقاً بأعمال التمرد في فتره حكُم بني العباس وَ الذين سيتم تشتيتهُم من أراضيهم على أمتداد الخليج إلى أوروبا وَ أسبانيا (١٩) وَ كذلك في البصره القى علي بن ابي طالب ( خطبة البيان ) وَ التي كانت بصيغـة سرد يُطلق عليه بالـ ( Aretalogy ) حيث فيه يسرد التجلِي الإلهي فضائلهُ العُظمى في الخلق ؛ فقد قال فيها ( أنا قطب الأقطاب ، أنا مهدي الآوان ، أنا عيسى الزمان ، أنا وجه الله ، أنا أسد الله ) وَ أيضاً خطب هُناك خطبتهُ ( التطنجيـه ) التي يقـول فيها ( أنا صاحب الخلق الأول قبل نوح الأول ... أنا صاحب الطوفان الأول ، أنا صاحب الطوفان الثاني ، أنا صاحب السيل العرم ، أنا صاحب الأسرار المكنونات ، أنا صاحب عاد وَ الجنات ... أنا الأول وَ الأخر ، أنا الظاهر ، أنا الباطن ، أنا مع الكور قبل الكور ، أنا مع الدور قبل الدور ، أنا مع القلم قبل القلم ، أنا مع اللوح قبل اللوح ، أنا صاحب الأزليه الأوليه .. أنا مدبر العالم الأول حيث لا سماؤكُم هذه وَ غبرؤاكُم ) فقام اليه ( ابن صويرمـه ) فقال ( أنت أنت ) يا أمير المؤمنين بمعنى أنت تجلي الإلوهيه ! وَ تنتهي الخطبه بـ ( أنا الكلمه التي بها تمت الأمور وَ دهرت الدهور ) (٢٠) لذلك زعم صنـف من ( غلاة الشيعه ) بأن علياً عند زوال التقيـه أي بهجرتهُ من المدينة إلى أرض العراق خطب أول خطبهُ وَ قال ( إنا آهل البيت مِن علِم الله علمُنا ، فإن تتبعوا أثرنا تهتَـدوا ببصائرنـا وَ أن تُدبِروا عنا يهلككُم الله بإيدينا ... بنا يخلـع الله ربقـة الغل من أعناقكُم ، الا وَ بنا تفتح وَ بنا تُختم ) (٢١) وَ قد كانت ( الكوفه ) على وجه الخصُوص دار هجرة علياً الباطنيه التِي هجر إليها من كهف ( التقيـه ) أي المدينه (٢٢) وَ هذه الخطب هي بُنيـة المعتقدات اللاهوتيـه عند الشيعه عامةً وَ الغلاة خاصه ؛ فإن علياً في هذه الخطب يظهر كـ ( مسيـح أزلي . Christus Aeternus ) كما عند فرقـة ( الكسائين ) وَ ( الأبيونيين ) اليهو-مسيحيـه وَ التِي فيها كان المسيح الأزلي يتجلى في شخُوص في كل ( دور ) من حركة الزمن لذا فإن المسيـح يُعاد تجسدهُ ( Reincarnation ) تكراراً وَ تبعاّ لذلك فإنهُ لا ختاماً في الوحـي وَ لا أهميةّ للصلب فِي مُعتقداتهِم (٢٣) (٢٤) وَ هذه الفكرة ظهرت في ( الكليمنتات المنحوله . Pseudo Clementines ) من القرن الثالث ميلادي المنسوبه لخليفـة بطرس الثالث على كرسي روما ( كليمنـدس الروماني ) التي فيهـا يقول أن المرسول الحقيقي منذ بدايـة العالم ، يبدل أشكالهُ وَ أسمائهُ ، يدور عبر الأزمان حتى يصل الى وقتـهُ ( ملأ الزمان . Kairos ) وَ يمسـح بنعمة الرب ) (٢٥) لذا يقـول المسيح في ( رؤيا يوحنا ٢٢ : ١٣ ) " أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ " وَ في ( يوحنا ٨ : ٥٨ ) قال لليهـود " الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ " . وَ هذا معنى ( الكلمـه . Logos ) بأنهُ ( الإله المتجلي . Deus Manifestus ) من ( الإله الخفي . Deus Absconditus ) وَ هذا الأخير هُو الذي لا يُوصف وَ لا يسمى حيث تُنفى عنهُ جميع الصفات ( Via Negativa ) وَ ذلك بحسـب ( البازيليدين . Basilidean ) أن في البدايه كان ( لاشيء ) ؛ هناك حيث اللاوجود ، الآلوهه الغير موجوده ، وَ لا جود أصلاً ..! وَ كما يقول الفيلسوف الأفلاطوني المُحدث ( برقلس . Proclus ) أن الله وجود عدمي " mon being " (٢٦) لذلك يقول الأمام علي في ( خطبـة الذرة اليتيمه ) عن الله ( العدم وجودهُ وَ الأبتداء أزلهُ ) وَ يقول عن الأبتداء الأزلي في الخطبه التطنجية ( أنا صاحب الإزليه الأوليـه ) (٢٧) وَ للمعتقـدين اللاهوتـي المسيحي وَ الشيعي صدى من الكتابات المعروفه بـ ( Hermetica ) أو ما تُعرف بـ ( Hermetic Corpus ) ذات الطابع المصري وَ الأغريقي التي تنسب الى ( هرمـس مثلث العظمـه . Hermes Trismegistus ) وَ التي تقـول فيها بـالإله الغير قابل للأنحلال ، بلا شكل ، وَ غير مرئي ، وَ تقُول من جهة أخرى عن إله فعل الخلق عبر ( الكلمه النورانيـه . Luminous Logos ) وَ أيضاً ظهر ( هرمس ) نفسهُ أحد تجسُدات اللوغوس في ( البرديات السحريه الأغريقيه . Greek Magical Papyri ) كقـوه كونيه وَ خالق للعالم (٢٨) (٢٩)
الأشباح الخمسه :
في تفسيـر العسكري . ص٢١٧ في عن قصـة آدم " وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا " أي أسماء الخمسـة ( محمد . علي . فاطمة . حسـن . حسين ) وَ التِي فيها تُسرد روايـه عن الأمام الحسيـن في معسكـرهُ في ليلة العاشـر في كربلاء عندما قال للقـوم ( أنتم حل من بيعتـي ) وَ التي ظل فيها ( الأقربون ) فأخبر هؤلاء عن أول أمرهم أي حقيقة الأشباح الخمسه ؛ فيقُول أن الله عندما خلق آدم وَ علمهُ الأسماء جعل ( محمد . علي . فاطـمة . حسن . حسين ) أشباح خمسه في ظهر آدم كانت أنوارهُم تضيء في الأفاق من السمـوات وَ الحجب وَ الجنان وَ أمر الملائكه بالسجـود لآدم لكونهُ وعاءاً لتلك الأشباح التي عّـم أنوارها الأفـاق ؛ وَ قد نقـل الله الأشباح الخمسه من ذرة العرش الى ظهـر آدم حيث فيه أنطبعت صُور الأشباح كما ينطبـع وجه الإنسان في المرآة الصافيـه فرأى الأشباح هكذا (٣٠) وَ عقيدة ( الأشباح الخمسـه ) معروفـه عند عامة الشيعـه وَ قد سُميت طائفة من الباطنيين بـ ( المخمسـة ) تيمُناً بها ، وَ الذين كانوا من أصحاب الباطني ( أبي الخطاب الأسدي ) وَ الذين كان قولهُم أن الله ظهر في ( خمسـة أشباح ) أو ( خمس صُور ) وَ أن أربعة تلتبس لا حقيقـة لها وَ المعنى شخـص واحد وَ هُو ( محمد ) وَ هُو الذي يتكون في أي صورة شاء بحيث يظهر كـ ( ذكر ، آنثى ، شيـخ ، شاب ، كهل ، طفل ) (٣١) وَ هذا ماجاء مُسبقاً في الأنجيل الأبوكريفي المنسـوب ليوحنا ( The Apocryphon of John ) وَ الذي تُروى أحداثه عند لحظات صلب المسيـح وَ الذي كان بحسب إيمان هذا الأنجيل بأنهُ شبه لهُم وَ لم يصلب على وجه الحقيقـه ؛ وَ الذي كان فيه يوحنا يظهر بحالة أضطراب هارباً بنفسهِ الى جبل لسبب سخرية ( الفريسين ) على تعاليم مُعلمه يسوع ، وَ الذي هناك أي في الجبل أثناء مكوثهِ تنفتـح لهُ السموات فجأة وَ يظهر يسوع بصـورة ( طفل ) بعدها ( رجل كبير السن ) وَ أخيراً ( شاب ) ثم قال ليوحنا ( أنا دائما معك ، أنا الأب ، أنا الأم ، أنا الطفل ) وَ أيضاً في ( The Gospel of Philip ) المنحُول يقـول فيه أن يسـوع مكر على الجميـع فللعظيـم يظهر عظيماً ، للصغير يظهر صغيراً ، الملائكه يظهر كملاك ، وَ للإنسان يظهر كإنسان (٣٢) وَ في رسالة بولـس الى أهل فيلبي ( ٢ : ٦_٧ ) " الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً للهِ ، لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ ( Kenosis ) ، أخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ ( Likeness ) النَّاسِ " ؛ وَ هذه الرؤيـه التي ترى ( المسيـح يسوع ) مجـرد شبح بالكامل لاحقيقـه ماديه لهُ إلا كتمظهُر هي رؤيـة الهراطقه المسيـح الذين يُطلق عليهِم بـ ( الظاهريون . Docetists ) القائلين بأن المسيـح بدا / شبـه للناس / ظهر ( dokein ) أنه صلب لكنهُ لم يُصلب بحيث أن الصـوره التي تظهر للناس مُجرد ( خياليه . Phantasmal ) لذلك يقـول المسيحي الغنـوصي ( بازيليدس . Basilides ) أن المسيـح قوة لا جسـدانيه ( Virtus Incorpor ) لا شكـل مُحدد لها (٣٣) وَ عند الهرطوقـي المسيحي المنشـق عن الكنيسـه ( مارقيـون . Marcion ) الذي يؤمن بـ ( دوسيتيـه ) هو الأخر قال أن المسيـح لم يُولد من عذراء ؛ وَ أنهُ لا يُولد وَ لا ينمو بل ظهر فجأة في ( مجمع كفر ناحـوم ) بـ ( شبه بشـري ) (٣٤) وَ هذه العقيده ظهرت مُبكراً في المعتقدات الشيعيه بل كانت وَ لا زالت مُعتقد أساس في المذهب عن طبيعـة الأئمه ؛ وَ في المخطوطة المُسماة ( أم الكتاب ) المُكتشفه في ( پامير ) في طاجكستان بعد تمدد الأمبراطورية الروسيه في القرن التاسع عشر فيها ؛ حصل موظفيـن روس عليها من الطائفه الإسماعيليه هُناك وَ هي مخطوطه مكتـوبه بالفارسيـه على الأغلب من أصل نص عربي وَ هي مخطوطـه موجوده بالخزينه الإسماعيليه لكنها غير مستخدمه عند الطائفه حالها كحال مخطوطة ( الهفت الشريـف ) وَ التي قام بدراستها المُختص بالآداب الإسماعيليـه ( ڤلاديميـر ايڤانوف . Vladimir Aivanov ) وَ الذي عبر عن النص أنه المرحلـة المبكره جداً من تطور الشيعة ؛ وَ هو عباره عن كتاب من ضمن كتب الـ ( Apocryphon ) أي المخفيـه عن العامه وَ تقتصر على الخواص ؛ وَ ما تخبرنا المخطوطة عنهُ بأن أم الكتاب كان كتاباً سرياً في خزينة الأمام أبي جعفر محمد الباقر وَ تظهر ثلاث شخصيات مهمه في المخطوطة ( عبدالله بن سبأ . جابر الجعفي صاحب الأمام المعروف . جابر بن عبدالله الأنصاري الصحابي ) وَ يظهر فيها كذلك أبناً لعبد الله بن سبأ يُسمى ( طالب ) وَ الذي أطلق على مذهبه بمولاتهُ للأمام الباكر بـ ( المذهب الطالبي ) ؛ وَ هذا النص ميثولوجي الصبغة لكن فيه تفصيـل لما خفي عن معتقدات غلاة الشيعـه ؛ فأساس النص يتحدث عن ( الأشباح الخمسه ) أو ( الخاموس / پنجى ) وَ التي هي : ( مزاجى غايتى ) غاية المـزج ، ( دمشى إلهي ) النفس الإلهي ، ( تابشى خورشيدي ) بريق الشمس ، ( وصلت ايزدى ) الوصل الإلهي ، ( نگاهى مؤمنى ) نظر المـؤمن ، وَ هذا الخاموس هو ذاتهُ ( الرب الأزلي / خداونـد جاويد ) وَ الذين خرجوا من ( اللاشيء ) لقولهُ " قل هو الله أحد " وَ كانت الأنوار الخمسه ذات خمسـة الوان كقوس قزح تجلت بشخـص من نور جوارحهُ خمسه ( السمع ، البصر ، الشم ، الذوق ، النطق ) وَ هو مايسميـه البشر ( محمد . علي . فاطمة . حسن . حسيـن ) (٣٥) (٣٦) وَ كان هناك أختلاف بين الشيعـه بين من يقـول أن ( محمد ) هو المعنى للاشباح الخمسـه وَ هؤلاء يسمُون بـ ( ميميه ) وَ منهم من قال أن المعنى ( علي ) وَ هؤلاء يسمُون بـ ( العينيه ) (٣٧) فمن القائلين أن المعنى ( محمد ) أصحاب ( أبي الخطاب الأسدي ) حيث يقولون أنما محمد شبح ظهر كوالد وَ ولد وَ لا هو بوالد وَ لا مولود وَ يظهر في الزوج وَ الزوجه وَ قد كان هو آدم وَ نوح وَ إبراهيم وَ موسى وَ عيسى وَ ظهر في صورة ملوك وَ أكاسرة وَ الذين كان معناهُم جميعاً هُو ( محمد ) الذي يظهر نفسـهُ لخلقهِ في كل الأدوار وَ الدهور داعياً فيها للتوحيد ؛ وَ منهم من جعل أن حقيقه محمد ماهي إلا فاطمة الزهراء وَ هي الرب وَ جعلوا سورة ( التوحيد ) لها فهي واحديـه مهديه ( لم يلد ) الحسن وَ ( لم يولـد ) الحسين وَ لم يكن لهُ كفؤ أحد ؛ كون فاطمه تُذكر الى ( فاطم ) أو ( فاطر ) (٣٨) أما أهم دعاة ( العينيـه ) هي فرقة ( العلبائيه ) أتباع ( بشار الشعيري ) وَ أيضاً يعرف بإسم ( العلباء بن ذراع الدوسي ) وَ يقال ( الأسدي ) وَ سُمي بـ ( العلباء ) لأنه مُسخ لطير يُسمى العلبا من طيور البحر ؛ وَ دعيت فرقتهُ لدى مُعارضيه بـ ( الذميه ) لأنهُ فضل ( علياً ) على مُحمداً وَ فقد كان علياً من بعث مُحمداً ليدعوا لهُ لكن أدعاها لنفسهُ ؛ لذلك يقال أنهُم شتموا محمداً . فيقـول ( بشار الشعيري ) صاحب الفرقـه أن علي هو الرب الخالق ظهر بـ ( العلويـه الهاشميه ) وَ أظهر عبدهُ وَ رسولهُ بـ ( المُحمديه ) وَ أن الأشباح الخمسة حقيقتها ( علي ) (٣٩) (٤٠) (٤١) وَ المُلاحظ أن علي الذي هُو صاحب الأزليه الأوليـه الذي يظهر في الأدوار وَ الأكوار هُو الذي ظهر في خطب كالبيان وَ التطنجيـة ؛ كذلك هُو قول ( النصيريـه ) أن الله ظهر ( بصـورة . Eidolon ) إنسان وَ هُو ( علي ) لأنهُ المخصوص بالسرائر ، في حين محمد بـ ( الظاهر ) (٤٢) اي إن علياً المركز وَ مُحمداً المُحيط ، وَ هذا ما وُرد في رسالة التوحيـد لـ ( علي بن عيسـى الجسري النصيري ) الذي في رسالتهُ كحوار مع شيخـهُ ( اباعبدالله الحسيـن بن حمدان الخصيبي ) يسألهُ عن ( ظهورات المعنى ) في كل قبـه وَ مله وَ عصـر وَ زمان وَ حين وَ آوان ؟ فيقـول الشيخ الخصيبي أنهُ مولانا الأنزع البطين في أزليتـهُ باطن في علمهُ وَ الذي يظهر ( ظهور ذاتي ) في كل عصـر وَ زمان وَ التي هي معنويـه ، ابديـه ، من غير حد وَ لا نعت وَ لا صفه وَ الذي ما يعرفـه البشر عنهُ هو ( الأسم ) فقـط في حين فقط ( آهل الصفا ) بمعنى ( النخبه ) ينظرون الى المعنى بقدر المعرفـه وَ القوة ؛ وَ تذكر الرسالة أن أهل السنه وَ الظاهريون عرفوا فقط ( الأسم ) وَ الذي فصلوهُ عن المعنى وَ تعبدوا لهُ ، بالرغم أن المعنى هُو الأبدي الغير زائل (٤٣) لذلك قال ( المخمسـه ، بشار الشعيري ، وَ رجل يقال له محمـد بن بشير ) أن كل من ينتسـب الى آل محمد مفتري لأن المعنى ( العين ) للأشباح الخمسـه لم يلد وَ لم يُولد جسدانيـاً وَ هؤلاء مدعون الإنتساب هُم من نزلـت فيهم الآيـه " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ " (٤٤)
أصل مُعتقد الأشباح الخمسة :
في مُعتقدات ( الثنويـه . Dualism ) المانويـه أن النور خمسـة أجناس أربعه أبدان وَ الخامس روحها ( نار . ريح . تراب . ماء ) أما روحه هُو ( الشبـح ) ، أو يسمى ( النسيم ) من العبريـه ( نشمه . Neshamah ) ؛ وَ أن النسيم روح النـور الذي تتولد الآلهه وَ الملائكه منـهُ كما يتولـد ( النطـق ) من الناطق (٤٥) (٤٦) وَ ترجمة هذا الشبح أو النسمه أصل الأبدان الأربعة بالفارسيـه الوسيطه ( فروهر . Frawahr ) وَ هو الرمز الإيراني وَ الأشوري وَ الهرمسي المشهُور المتصُور ( بالرجُل المُجنح ) أو العصا المُجنحة رمز العروج (٤٧) وَ فلسفياً هي بالضبط رؤيـة أرسطو الكونيـه بإن ما وراء العناصـر الأربعه يتخفى عنصـراً خامس ألا وَ هُو ( الأثير . Aithēr ) وَ الذي جوهـرهُ مجهول ، شفاف ، ساطـع لا يقبل لا التغير وَ لا الأنحلال بل ( الحركـه الدائريه ) فقط أي الحركة الكاملة لدى قُدماء اليُونان و التِي هي هواء حار كـ ( الروح . Pneuma ) وَ التي ستظهر عند الفيلسـوف الأفلاطوني المُحدث ( افلوطيـن ) بإعتقاده بـ ( الفيوضـات . Emantions ) التي تفيـض جميعها من ( العقل الكلـي . Nous ) النوراني / النـاري (٤٨) وَ قد ناقش علماء الخيميـاء . Alchemy من العصـر الوسيط المُبكر في أوروبا عن ماهيـة ( العنصـر الخامس ) ؟ كالخيميائي ( اورتولانـوس . Ortolanus ) الذي عرف العنصـر الخامس بمصطلح ( Aqua Ardens ) بمعنى أحتراق الماء ؛ أما الخيمايئي ( يوحنا الروكيـوتيلادي . Jean de Roquetaillade ) قال أن العنصر الخامس هُو عنصر يتخـلل كُل شيء ؛ أما ( تومـاس البولونـي . Thomas of Bologna ) فقال أنهُ قوة مشتعلـة وَ مسؤولـه عن تشكيـل أشكال المعـادن ؛َ فإذاً هُو نفسـه ( الماء الإلهي . Theion Hudor ) الـذي ذكرهُ الخيميائي الهرمسي المُبكر ( زوسيمـوس . Zosimos ) الذي رأه في الرؤيـا وَ هُو ماء مغلي في وعـاء لـ ( تحويل . Transformation ) الإنسان الى ( روح ) ؛ وَ الذي كان لـونهُ ( أبيـض مُصفر ) الذي هُو الألوهه ..! وَ قد رأى ( كارل غوستاف يونـغ . Carl G. Jung ) أن هذا الماء المغلي في الوعـاء في رؤيا زوسيمـوس ليس سُوى رمزاً للعقل الكونـي ( Nous ) (٤٩) وَ هذا في الواقـع رمز ( التعميـد . Baptism ) بالنـار كما ذُكر في ( متى ٣ : ١١ ) قول يوحنـا المعمدان : " أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَ( نَار )ٍ " ؛ لذلك نفهـم قول ( السبئيـه ) الذين قالوا أن علياً هُو الإله لذلك أحرق منهُم فقالوا ( الآن علمنا أنك إله ، لأن النار لا يعذب بهـا إلا الله ) بأنها صورة من الغطاس وَ التطهير كما في رؤيـا زوسيمـوس وَ كذلك رمزاً للكبريت ( النار الإلهية ) وَ ( العقل الكُوني ) وَ ( المركز ) في الهرمسية !
معنى الحلـول :
إذاً فإن العنصـر الخامـس ( قـوه روحية . Spiritual Force ) التـي منها ( الخيميائي . Alchemist ) أو ( الساحـر . Thaumaturgist ) يكتسـب المعارف الباطنيـه ( Arcanum ) (٥١) لذلك ليس بمُستغرباّ بأن ( الكيمياء ) الذي يُسمى علم الصنعة سـاد عند الشيعـة وَ كثير من الباطنيـن من ( الحكماء ) أي من يتناقلون الحكمـة سراً ؛ وَ قد كان أشهر الكيميائين الشيعـة : ( جابر بن حيان الكوفي ) المعروف بـ ( الصوفي ) ، وَ الراوي عن ( ابن وحشيـه الكلداني / الكسداني ) الصوفي ( أحمد بن الحسين بن علي الزيـات ) ، وَ ( السايـح العلوي الصوفي ) وَ الأهم ( ابن أبي العزاقر الشلمغـاني ) (٥٢)
وَ الذي هو بحق النسخـه الشيعيه لسمعان المجوسـي المهرطق المسيحي الأول وَ الذي تحدث عن معنى الحلول وَ فتح باب المحظور وَ التمـرد على الشريعه .
أسمهُ محمد بن علي الشلمغانـي من ( شلمغـان ) في منطقـة واسط في العراق ؛ وَ قد أظهر معتقداتهُ أيام السفير الثالث للمهدي ( أبي القاسـم الحسيـن بن روح النوبختي ) بل أن الشلمغانـي أدعى أن تعاليمهُ يرجِع أصلها لـ أبن روح نفسهُ ، لكن الأخير نكرهُ وَ لعنهُ لأنه أذاع سر ما هُو مكتوم ؛ وَ قد أدعى أولاً بابية المهدي وَ قد تدرج ليقـول إنهُ ( إله الإلهه ) وَ أيضاً يذكر أنهُ سمى نفسـه بـ ( روح القدس ) و كان معتقدهُ في الحلول بأن الله يحل في كُل شيء على قدر ما يحتمل هذا الشيء لذلك في الدرجة السفلى يوجـد إلهه كثيره كون أغلب الناس تنتمي لطبقـه السفلى وَ أن هناك القله من الصفوة المُتمركزة في المراتب العُليا ، وَ الشلمغـاني ممن تدرج للأعلى حتى وصـل الى القمة لذلك هُو ( إله الإلهه ) لذلك هُو ( الإنسان المتفوق . Superman ) الإله الذي يحتاجهُ الناس ليولـج النور فيهم ؛ وَ لنرى معتقـدهُ في الحلول لنفهم فكرته ، يقول أن الله ( قوة . Force ) أو ( فكرة حيه ) أو خاطرة تنكت في القلب وَ هذه القوة يحل في الضـد وَ المضدود فكما تحل في ( آدم ) تحل في ( إبليس ) وَ يكون الشيطان هو الدال على نور الإله فمثلاً لولا عمر لما عُرف نور علي بن أبي طالب ، لذلك الشيطان هُو الطريق المؤدي الى نـور الله ، وَ أن اللاهوت الإلهي هُو خاموس ( خمسة أنوار ) شذرات تتفرق وَ إذا أجتمعت في رجل يعني أن الله حل فيه ، وَصار إله ، فبعدما تفرقت بعد آدم تجمعت في ( نوح . أدريس . هارون . عيسى . علي بن أبي طالب ) ثم في أولاد علي حتى تجمعت في ( الشلمغاني ) ؛ لذلك نرى في فترتهُ شاب غلام ممن أدعى أن روح علي بن أبي طالب حلت فيه وَ أدعت أمراه تُدعى فاطمه أن روح فاطمة الزهراء حلت فيها (٥٣) وَ أن أمرأه من بني بسطـام أدعت أن السفير الثالث أبن روح قال لها روح فاطمة أنتقلت الى أبنة السفير الثاني أبا جعفر محمد بن عثمان لذلك عظمتها المرأة البسطاميـه وَ أسمتها مولاتنا فاطمة ، وَ قالت أن روح أمير المؤمنين علي أنتقلت الى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي السفير الثالـث (٥٤) وَ هُنا ظهُورات لتجلِي الذكُورة وَ الأنوثة المُكتملة التي نمُوذجها علي وَ فاطمة ؛ لذلك الخلاص يكُون ليس بالإيمان الجامِد لكن معرفة أمام الزمان كما هُو معروف لغلاة الشيعة ، وَ كما هُو مُتجسد في نمُوذج سمعان المجُوسي تجسُد المسيح وَ قرينتهُ هيلينا تجسُد صُوفيا الحكمة ؛ لذا قـال ابن أبي العزاقر الشلمغاني أن ( الجنه ) معرفة الشلمغانيـه وَ معرفة ابن أبي العزاقر وَ ( النار ) هوُ جهلهُ ؛ وَ كانت معرفتـه تكون عبر ( التناكـح ) أي بإرتباط روُحي إيروسي ، وَ ذلك ليولـِج النور الذي فيه في أتباعهُ ، كون الشلمغاني هُو الفـاضل وَ تابعهُ هُو المفضـول ؛ وَ كان ابن أبي العزاقر يعتبر أصحاب الشريعة ( موسى ) وَ ( محمد ) خائنين الأول خان هارون وَ الأخر خان علياً وَ أن علي أمهل مدة شريعة محمد عدة سنيـن أصحاب الكهف ( ٣٥٠ ) بعدها تنتقل الشريعـه للأباحه وَ تسقيط الفروض حيث كان الشلغمانيـه يتنكاحون بلا عقد زواج وَ أبطلوا العبادات من صلاة وَ صيـام وَ أباحوا فروج النسـاء ؛ أنتهت حياتهُ كما الحلاج بالصـلب وَ أحراق جثتهُ وَ نثر رمادهُ في نهر دجلة (٥٥) ( ٥٦) (٥٧)
قـول الشلمغـاني بإتحاد الضدييـن ( Coincidentia Oppositorum ) هُو قول الفرق المُخمسه التي تؤمن بإن لكل واحد من الخمس الأشباح ضد فـ ( محمد . علي . فاطمة . حسـن . حسيـن ) أضدادهُم الشياطين ( ابوبكر . عُمر . عثمان . معاويـه . عمرو بن العاص ) منهُم من قال أن الأضداد محمودة لأنهُ لا يعرف فضل الخمسـة إلا بإضدادهم وَ منهُم من قال إنها مذمومه (٥٨) وَ هذا المُعتقد ( ثنائي . Duality ) موجـود عند بعـض الفرق الغنوصيـه المسيحيه التِي كانت مقولتهُم هي ( Daemon Est Deus Inversus ) بمعنى ( الشيطان هُو الجانب المقلوب لله ) لذلك بـ ( المسيـح الدجال . AntiChrist ) يتمهـد الطريق لـ ( رجعة . Parousia ) المسيـح المُخلـص وَ الذي سيُرجـع الأرض وَ يجعلها مهادا أي لزمن البدايات ، وَ أيضاً كـطائفة الـ ( يهوذيين . Judasites ) المسيحيـه التي بجلت ( يهوذا الاسخروطي ) الذي باع المسيـح لصلبـه حتى رفعتهُ كالوحيـد العارف بإسرار المسيح وَ معارفهُ (٥٩) وَ أدعاءهُ الإلوهيـه عمومـاً هو أدعاء سائد بين الفرق الشيعيـه التي قالت بتناسـخ الجزء الإلهي النوراني مثـل ( المُقنع الخرساني ) المُتمرد الذي ظهر فترة المأمون العباسـي وَ الذي يُسمى في بعض المصادر ( عطاء بن حكيـم ) وَ أخرى ( الحسـن بن مهران ) وَ يُعد كأحد رجالات فرقـة القرامطة الباطنيـه ؛ وَ هُو الأخر يُذكر أنهُ فيلسـوف حكيـم وَ عرف شيء من الهندسـة وَ الحيل وَ النيرنجيات بمعنى من حيل الكيميـاء ؛ وَ كان ممن أدعى الألوهيـه وَ كان يضَـع ( برقع من حرير ) على وجههُ حيث قال ( أني أنتقل في الصُور ، لأن عبادي لا يطيقـون رؤيتي في صـورتي وَ من رأني أحترق بنوري ) وَ أيضاً كان ممن أسقط العبادات من صلاة وَ صيام وَ سائر العبادات وَ أباحوا النساء وَ قالوا ( المرأه مثل الزهرة يجب أن يشم عطرها كل إنسـان ) (٦٠) (٦١) (٦٢) وَ كقـول الفرق الأباحيـه التي أبطلت النكاح بالعقد وَ الطلاق قالت ( المرأه بمنزلـة " الريحانه النباتيـه " إذا شممتها أحييت أخاك المؤمن ) (٦٣) وَ هذا ( السحر الشهواني . Erotic Magic ) كان سائد بين الفرق المسيحيـه السريـه وَ أيضاً ترمز لزواج ( النفـس . Anima ) مع ( اللوغوس . Logos ) الناري ..!
المراجـع :
______________________________
١) علم الأبائيات ( باترولوجي ) المجلد الأول . جوهانس كواستن
٢) The Gnostics , The First Christian Heretics . Sean Martin
٣) مصدر رقم (٢)
٤) مصدر رقم (٢)
٥) علم الأبائيات ( باترولوجي ) المجلد الثاني . جوهانس كواستن
٦) تكوين العقل العربي . محمد عابد الجابري
٧) الهرطقه في المسيحيه ، تاريخ البدع المسيحيه . ج.ويلتر
٨) Gnosticism , Its History and Influence . Benjamin Walker
٩) تاريخ اليعقوبي
١٠) الملل و النحل . أبي الفتاح الشهرستانـي
١١) Tample and Contemplation . Herny Corbin
١٢) المسيحيه و الحضاره العربيه . الأب جورج شحاته قنواتي
١٣) مصدر رقم (١)
١٤) مصدر رقم (٨)
١٥) الأخبار الطوال . أبي حنيفه أحمد بن داود الدينوري
١٦) مصدر رقم (١١)
١٧) مصدر رقم (٨)
١٨) مناقب آل أبي طالب . ابي جعفر بن علي بن شهرآشوب
١٩) القطيف و ملحقاتها . الشيخ عبدالعظيم المشيخص
٢٠) الخطب النادره لأمير المؤمنين . عبدالرسول زين الدين
٢١) المقالات و الفرق . سعد بن عبدالله القمي
٢٢) أساس التأويل . النعمان بن حيون التميمي
٢٣) الأمام و المسيح عند هنري كوربين . د. بولس خوري
٢٤) مصدر رقم (٨)
٢٥) مصدر رقم (٨)
٢٦) مصدر رقم (٨)
٢٧) مصدر رقم (٢٠)
٢٨) مصدر رقم (٨)
٢٩) The Westren Esotric Traditions . Nicholas Goodrick Clarke
٣٠) التفسير المنسوب الى الأمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري
٣١) مصدر رقم (٢١)
٣٢) مصدر رقم (٢)
٣٣) مصدر رقم (٨)
٣٤) مصدر رقم (١)
٣٥) رؤيا جابر في أم الكتاب . هانز هالم
٣٦) الغنوصيه في الإسلام . هانز هالم Heinz Halm
٣٧) مصدر رقم (١٠)
٣٨) مصدر رقم (٢١)
٣٩) مصدر رقم (٢١)
٤٠) مصدر رقم (١٠)
٤١) الفرق بين الفرق و بيان الفرقه الناجيه . ابي منصور عبد القاهر البغدادي
٤٢) مصدر رقم (١٠)
٤٣) رسالة التوحيد . علي بن عيسى الجسري النصيري
٤٤) مصدر رقم (٢١)
٤٥) تبليس إبليس . ابي الفرج بن الجوزي البغدادي
٤٦) مصدر رقم (١٠)
٤٧) Manichaean Gnosis and Creation Myth . Abolqasem Esmailpour
٤٨) مدخل الى الفلسفه القديمه . A.H Armstrong
٤٩) An Esotric Tradition of Mystical Vision and Unions . Dan Merkur
٥٠) مصدر رقم (١٠)
٥١) مصدر رقم (٤٩)
٥٢) الفهرست لأبن النديم
٥٣) الكامل في التاريخ لأبن اثير ، المجلد السابع ص٢٤٠
٥٤) كتاب الغيبه . ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
٥٥) المهدي المنتظر عند الشيعه الاثناعشريه . جواد علي
٥٦) مصدر رقم (٥٤)
٥٧) الكامل في التاريخ لأبن أثير ، مجلد السابع
٥٨) مقالات الإسلامين و أختلاف المُصلين . ابي الحسن علي بن أسماعيل الأشعري
٥٩) مصدر رقم (٨)
٦٠) مصدر رقم (٤١)
٦١) كشف أسرار الباطنيه و أخبار القرامطه . محمد بن مالك الحمادي اليماني
٦٢) الحركات الدينيه في إيران في القرون الإسلامية الأولى . غلام حسين صديقى / ترجمهُ من الفارسيه : د. نصير الكعبي
٦٣) مصدر رقم (٢١)
الأحد، 29 سبتمبر 2019
التشيع جذور و بداية / غلاة الشيعة

الاشتراك في:
التعليقات (Atom)
